محمد عصام يكتب : الإعلام الرياضى بين فضائيات الثلاجة .. وروابط الوهم
فى فترة أصفها بالأسوأ فى تاريخ الإعلام الرياضى، سواء كانت تصريحات غير مفهومة من أشخاص يبحثون عن الشهرة بعد أن خف ظلهم فى الآونة الأخيرة أو مسئولين ليسوا هم بمسئولين عن تصريحاتهم أمام القنوات الفضائية المختلفة، والهدف الشهرة وركوب التريند.
سأبدأ كلامى بالقنوات التى تستضيف أشخاصًا تحت مسمى نقاد رياضيين، وهم ليسوا بذلك، فقد أصابنى الهلع والدهشة عندما وجدت أشخاصًا يعملون فى مطاعم ومتاجر للأجهزة الكهربائية يتم استضافتهم فى هذه القنوات، سواء “الحكومية أو الخاصة”، وهم ليسوا بصحفيين، ويتم معاملتهم كخبراء فى المجال الرياضى، ويتحدثون عن كواليس خاصة “وهمية” داخل الأندية، وعندما بحثت فى الأمر انتابنى الهلع ،وجدت أن هؤلاء من مروجى الإشاعات على مواقع التواصل يتعاملون مع الـ “الفانز” كمصادر للمعلومات.
وللأسف يوما بعد يوم يزداد عدد متابعيهم، سواء على الفيس بوك أو تويتر . الغريب فى الأمر أن الأندية أصبحت هى الأخرى تتعامل معهم أيضًا كأشخاص متخصصين، وتوجه لهم الدعوات فى أى حدث يقام، هذا غير استضافتهم فى قنواتهم الخاصة، مثل “الأهلى والزمالك”.
الأمر تخطى ذلك، ووصل لرابطة النقاد الرياضيين برئاسة المحترم الأستاذ حسن خلف الله والجهة الرسمية المعترف بها للصحافة الرياضية، فمنذ أيام قمت بالاتصال برئيس الرابطة؛ لأنني وجدت هؤلاء الأشخاص الذين أتحدث عنهم فى بداية المقال استُخرج لهم تصريح “آى دى” لحضور مباريات الدورى، فى الوقت الذى يجلس فيه معظم أعضاء الرابطة فى منازلهم لمشاهدة المباراة، بعد نزع حقهم الطبيعى فى ممارسة عملهم؛ بحجة أن الاتحاد والأمن حددا حضور أربعة أشخاص فقط فى كل إصدار، وفتح الأمر للأندية فى استخراج كافة التصاريح لإعطائها لنجوم الفيس بوك، وهذا ما أصابنى بالإحباط بعد اتهام رئيس الرابطة مسئولي الأندية بإرسال أسماء بعيدة عن المجال للنقابة “الأم” لاستخراج التصاريح، وسط صمت غير عادى من الرابطة، وهذا ما جعلنى أشاهد الموقف وسط صمت.
الغريب فى الأمر أيضًا أن رئيس أحد المراكز الإعلامية لأحد الأندية الكبرى قام بإنشاء أكثر من 100 ألف أكاونت وهمى لمحاربة و”إجبار” الصحفيين على عدم انتقاد رئيس النادى على صفحاتهم وعدم المساس باسمه على مواقع التواصل، فى ظل صمت رهيب من مجلس الإدارة. وإذا حدث ذلك، وقام أحد بمعارضته، يقوم بإغلاق الفيس الخاص به. وهذا ما حدث مع بعض زملائى، وهذه تسمى بلطجة لا ترضى الدولة عنها ولا القانون يسمح بذلك. وفى النهاية وبكل هذه التجاوزات يخرج علينا هذا المسئول يلوم الإعلام الرياضى الذى صنعه هو وحاشيته بأنه مروج إشاعات.
ما دفعنى للحديث عن هذا هو عندما وجدت هؤلاء الأشخاص “المأجورين” والذين يشوهون الإعلام الحقيقى يحضرون المؤتمرات الصحفية، ويقومون بتوجيه أسئلة ساذجة للأجهزة الفنية للأندية؛ مما جعل الأمر بمثابة سخرية على الصحفيين الحقيقيين فى مواقع التواصل الاجتماعي، ونحن ليس لنا أي ذنب.
القنوات مرة أخرى وللأسف الشديد أصبحت أعداد المشاهدات تتحكم في كل شيء، هي مرجع المعلنين ودليل النجاح في نهاية كل شهر. الفقرة أصبحت أسبوعية، ومع كامل الاعتراف بأن من دور الإعلام أن “يُمتِع”، ولكن من أدواره المهمة أيضا أن “يعلم” شيئا فشيئا، لم تعطنا تلك الفقرة أي معلومات، بل كانت مخزنا للميمز والكوميكس المضحكة في وقتها، ولكنها تحولت مع الوقت لوباء صعب الانتشار.
أعادت الفقرة المدرب الذي لم ينجز شيئا في مسيرته سوى التنظير على المدربين الآخرين ووصمهم بأنه مدربي “حوكشة” إلى المقاعد الفنية، حيث فشل مرة أخرى، وفي نفس الوقت أصبح ضيفا دائما في مصاطب السخرية التي تنتج مئات الآلاف من المشاهدات على يوتيوب.
الكل استفاد. البرنامج والقناة جنى كل منهما مشاهدات وإعلانات، والضيف الذي كان بعيدا عن الأضواء عاد للعمل، واستفاد ماديا ومعنويا، سواء بالتدريب أو الظهور المتكرر على الشاشة. الكل في هذه العملية في الحقيقة مستفيد، إلا المشاهد.
مع الوقت ستفقد تلك البرامج كل المصداقية، وتصبح متابعتها مجرد بديل عن نقص المحتوى الكوميدي على الشاشة.