أمير نبيل يكتب: منتخب المشجعين!
منذ نعومة أظافري تعلمت أن المنتخب هو كيان وطني تجتمع حوله كافة الأطياف ويقف الجميع خلف لونٍ واحدٍ، تاركين كل انتماءات أو تفضيلات.. فكرة المنتخب الوطني بالأساس كانت منذ بداية كرة القدم، الهدف منها تكوين فريق يمثل البلد في مختلف المحافل الدولية والقارية ويسعى لتحقيق أفضل النتائج التي تثلج صدور الأنصار والمتابعين، وتجعل بنو الوطن يشعرون بالفخر بمنتخبهم وما يحققه.
لا تحتاج لأن تعود للوراء كثيرا حتى تتذكر إنجازات منتخب بلدك، المنتخب الذي لطالما جعلك تشعر بالفخر، فعندما كنت صغيراً أتذكر كيف كانت الفرحة تعم الشارع المصري، بتعادل تاريخي لمصر مع هولندا في كأس العالم، ولكم كنت محظوظا بأن أعايش حقبة زمنية تاريخية رأيت فيها منتخب بلدي يحرج البرازيل ويخسر بشق الأنفس، ويهزم إيطاليا، بعد عام من ترويض القارة السمراء بأكملها والفتك بأسود الكاميرون وأفيال ساحل العاج.
منتخب مصر كان بحق مرعبا، حتى وإن ابتعد عن مذاق الإقناع المعتاد الذي لا ترضى الجماهير بأقل منه، فإنه لا يزال يمتلك تلك المكانة في قلوبنا ولا يمكن أن تتأثر بهوى أو عشق لألوان الأندية، لكن في هذا الأمر يمكن أن يستمر الحديث طويلاً، فالمنتخب الذي كان بالأمس هو الذي يجمع الشتات ويوحد مختلف الفئات، بات الآن ثوباً ممزقاً في أعين “مشجعي هذه الأيام”، وهنا لا أقصد الإساءة لا سمح الله، ولكنني أصف الفارق بين جيلي وما سبقه من جهة، وأجيال أخرى متعاقبة لا ترى سوى لون ناديها بل ما زاد الطين بلة، أن تلك الفئة من المشجعين تتمنى خسارة منتخبها، طمعاً في راحة للاعبي ناديها سواء كان فريقها مرتبطاً بحدث آخر أم لا.
كنت أتصور عندما أجلس أنا وصديقي نشاهد سوياً مباراة المنتخب، لن أجد الشقاق أو الانقسام، ومن يشجع هذا اللاعب أو ذاك وفقاً للون قميص ناديه!.. كنت أرى دائما ذلك الحلم الوردي بأن المنتخب يجمعنا.. وتنتابنا القشعريرة عندما نسمع السلام الوطني قبل المباراة، ونرى لون قميص الفراعنة يزهو فوق المستطيل الأخضر.
كأس العرب الأخيرة كشفت بقدر ما أمتعتنا بمستويات مميزة في البطولة ككل، بقدر ما أحزنني فيها ما رأيته من تشجيع منقوص لمنتخبنا، فالمشجع المتعصب لناديه بات لا يرى سوى أخطاء لاعبي الفريق المنافس، ويستميت دفاعاً عن لاعب يمثل فريقه خوفا من موجات الانتقاد.
الحقيقة التي يجب أن نواجه أنفسنا بها هي أننا أصبحنا ضحية سيطرة مشجعي السوشيال ميديا الذي يفرضون إرادتهم من خلال التعليقات الغاضبة والحملات والتجاوزات لو أنك خالفتهم الرأي، فالمدرج الإلكتروني بات أكثر خطورة الآن وشراسة على المنتخب الوطني لو ظل التشجيع وفق لون قميص النادي!.. لك الله يا منتخبنا