أنورعبد ربه يكتب : حقًا .. إنها مقارنة منقوصة!

0 159

 

 

تعرض النجم الأرجنتيني الأسطورة ليونيل ميسي لاعب باريس سان جيرمان في الآونة الأخيرة لحملة هجوم شعواء ووجهت له إنتقادات قاسية من بعض خبراء اللعبة ومحللي مبارياتها ، وعدد غير قليل من وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة ، بعد إدائه في مباراة ذهاب دورالـ 16 لدوري الأبطال الأوروبي “الشامبيونزليج”، ضد ريال مدريد، حيث إعتبروا أن أداءه ليس على المستوى ولايتناسب مع اسمه وثقله ونجوميته، ولاسيما إنه أضاع في هذه المباراة ركلة جزاء، زادت موقفه سوءًا .

 

 

 

وحقيقة الأمرإن ميسي لم يكن بمثل هذا السوء الذي تحدثوا عنه، ولكنه فتح المجال لنقاش بيني وبين بعض الأصدقاء، حول سؤال قديم يتردد كثيرًا بين عشاق كرة القدم سواء من الأجيال القديمة أو الحديثة : من هو الأفضل في تاريخ كرة القدم على الإطلاق ؟! هل هو الملك بيليه الشهيربلقب الجوهرة السوداء ،أم الساحر الأرجنتيني دييجو مارادونا ، أم مواطنه ليونيل ميسي ؟! وهي مقارنة لايتوقف الكثيرون عن عقدها منذ سنوات ، وبعد أن كانت مقصورة من قبل على الكبيرين بيليه ومارادونا، اتسعت قاعدتها لتشمل هذا “البرغوث” الأرجنتيني الذي يحلو للكثيرين وصفه بإنه قادم من “الفضاء الخارجي” أو من “كوكب آخر”.

 

 

وإذا كان أغلب أبناء الجيل الحالى لم يشاهدوا على الطبيعة راقص السامبا الأول “بيليه”، بينما شاهد الكثيرون إبداعات مارادونا وصولاته وجولاته خاصة فى مونديال 1986 وهو المونديال الذى وصف بأنه “مونديال مارادونا” ولا أحد غيره، فإن كل الدنيا تشاهد منذ سنوات ليست قليلة ليونيل ميسى، الأمر الذى جعل اسمه محفورًا فى أذهان الملايين، فى الوقت الذى خفُت فيه الحديث عن بيليه “القديم قوى” ومارادونا “القديم نص نص”.. وتلك هى سنة الحياة فالبعيد عن العين قد يكون بعيدًا عن القلب فى أحيان كثيرة!.

 

 

وبمنظور موضوعى، أستطيع أن أقول إن المقارنة على هذا النحو منقوصة وتبدو ظالمة، ولا تتسق مع المعايير المنطقية للمقارنات، فالنجوم الثلاثة ليسوا أبناء جيل واحد حتى يمكننا عقد مقارنة بينهم، فالأول “بيليه” بدأ التألق فى أواخر خمسينات القرن الماضى، والثانى “مارادونا” بزغ نجمه بقوة مع أواخر السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضى، بينما تألق الثالث “ميسى” منذ بدايات الألفية الثالثة.. وإذا ما أخذنا فى الاعتبار حال كرة القدم فى كل عصرمن هذه العصور، وحجم ما طرأ من تغيير فى طرق اللعب وخططه وتكتيكاته وفنياته بين فترة وأخرى، وأيضًا التطورالرهيب على المستويين البدنى والمهارى، فسيكون من الإنصاف أن نقول إن كل واحد منهم حفر اسمه بحروف من ذهب فى عصره ومع أبناء جيله، فهو السيد أو”الألفا” على “كتيبة” من النجوم العظام.

 

 

 

أفهم أن تكون المقارنة بين مارادونا وبلاتينى وماتيوس وروبرتو باجيو وباولو روسى وزيكو وروماريو وبيبيتو ومولر وخوليت وفان باستن وريكارد وغيرهم الكثير من نجوم جيله.

أو تكون بين بيليه وخنتو وجارينشيا وجاييرزينهم وكرويف وبيكنباور وبوشكاش ودى ستيفانو وبوبى مور وهيرست وبوبى شارلتون وغيرهم من نجوم الخمسينات والستينات والنصف الأول من السبعينات.

 

 

ونفس الأمر مع ميسى، فمنافسوه الحقيقيون هم أبناء جيله من نجوم الأندية الكبرى أو من سبقوه ببضع سنوات أو من أتوا بعده ببضع سنوات وهنا تتسع الرقعة لتشمل كثيرين من نجوم لا يشق لهم غبار مثل زين الدين زيدان ورونالدينيو وفيجو ورونالدو الظاهرة وكريستيانو رونالدو ورونى وكريم بنزيمة وهيجواين وكاكا وإنييستا وتشابى وغيرهم.

وطالما أن الأمر كذلك، فمن حق كل مهتم بكرة القدم أو متابع لها أن يحدد النجم الذى أدخل السعادة والبهجة والسرورعلى قلبه أكثرمن غيره سواء فى هذا العصر أو من أجيال سابقة.

 

 

 

وشخصيًا ــ وبحكم مشاهداتى للنجوم الثلاثة بيليه ومارادونا وميسى وأنا فى كامل إدراكى للعبة كرة القدم بل وممارستى لها أيضًا ــ أقول إنه على مستوى المهارات الشخصية والإبداع والابتكار الكروى والجوائز الفردية، سيتربع ميسي على القمة بمفرده ، أما إذا تحدثت عن ارتباط ذلك بالإنجاز الأكبر لأى لاعب، وهو إسهامه مع منتخب بلاده فى تحقيق إنجازات قارية أو عالمية كبرى، فإن الترتيب سيكون بيليه ــ مارادونا ــ ميسى لسبب بسيط جدًا هو أن بيليه أحرز كأس العالم مع منتخب بلاده ثلاث مرات أعوام 1958 و1962 و1970، وأن مارادونا حقق ذلك مرتين مع منتخب بلاده عامى 1978 و1986 وهذه البطولة الاخيرة إرتبطت باسمه “مونديال مارادونا 1986″وإن كان لم يشارك بفعالية فى البطولة الأولى.. ويأتى ميسى ــ الأكثر مهارة وإبداعًا وابتكارًا وخروجًا عن المألوف ــ فى المرتبة الثالثة من هذه الزاوية تحديدًا، لأنه لم ينل شرف إحراز بطولة كأس العالم مع منتخب التانجو الأرجنتينى، وكل ماحققه معه بطولة كوبا إميركا الأخيرة العام الماضي بعد صيام طويل عن الفوز بأي بطولة كبرى على مستوى المنتخب .

 

 

ولابد أن نعترف بأن المواهب الفذة فى تاريخ كرة القدم بأجياله المختلفة كثيرة جدًا وتعد بالمئات ولكن معظمها لم يسعفه منتخب بلاده أوالنادى الذى يلعب له لتحقيق إنجازات مشهودة يتحدث عنها العالم.

وختامًا.. ستبقى هذه المقارنات حديث عشاق الكرة فى شتى أنحاء المعمورة، ولن يكون هناك إجماع على تفوق أحد هؤلاء الثلاثة على الآخرين، ولكن الحقيقة المؤكدة إن ثلاثتهم شكلوا علامات بارزة في عصركل منهم .

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق