الدكتور محمود فوزي : الإعلام الرياضي..عفوًا الإشارة حمراء!!

0 7

 

بينما يبحث الإعلام التنموي الرشيد في تناول قضايا الاستدامة الرياضية، وآليات اتساقها مع إستراتيجيات التنمية المجتمعية المستدامة؛ نجد الواقع المحلي يصطدم بالمغالطات الفكرية، والتحيزات الإدراكية، والسقطات الأخلاقية، وغيرها من المظاهر السلبية المهيمنة على شاشات وصفحات الإعلام الرياضي؛ لأنه ببساطة إعلام الهواة، وبعض اللاعبين السابقين متدني الثقافة والوعي؛ دون اعتداد بدراسة أو موهبة؛ ولا عزاء للمهنية، والموضوعية.

 

 

ففي الوقت الذي ينادي فيه خبراء وأساتذة الإعلام بتفعيل ضوابط وتشريعات العمل الإعلامي والالتزام بمواثيق الشرف؛ نجد لجوء عدد كبير من الإعلاميين الرياضيين نحو إثارة الفتن والشائعات في برامجهم، وعرض مشاهد تراشق لفظي بين ضيوفهم، أو اقتحامهم لخصوصية زملائهم؛ بالخوض في أمور حياتهم الشخصية، وهو ما يبررونه بحجة رفع معدلات المشاهدة لبرامجهم، وجلب المزيد من الإعلانات، بغض النظر عن المضمون المقدم، ومدي اتساقه مع قيم وأعراف المجتمع؛ ما يمثل تجسيدًا واضحًا لفكرة “التحرر من القيم” .

 

 

 

 

لقد نجح متصدرو الإعلام الرياضي من غير المهنيين – وللأسف الشديد- في إثارة حالة عامة من الجدل والنقاش حول عديد القضايا التي لا تمثل رصيدًا بأجندة أولويات المواطن المصري؛ فقد صارت ” مليارات زيزو” و” تفويت المباريات” ومشاهد التعصب الرياضي بالسخرية والتهكم من كل أفراد المنظومة؛ لاعبين، ومدربين، وفرق، وحكام، وجماهير هي المهيمنة على مائدة نقاشات “نجوم التحليل الرياضي” دون أن ندري ما ثقافة هؤلاء، وما مدى إدراكهم لتبعات وتداعيات ما يطرحون من قضايا؛ لا نتيجة لها سوى الإثارة، وبث الفتن؛ وتسطيح عقول المشاهدين.

 

 

 

 

في المقابل تحاول بعض الأجهزة الإعلامية الرشيدة التصدى لهذه المنصات الهدامة؛ بإيقاف مثل هؤلاء من المنحرفين فكريًا وأخلاقيًا؛ في محاولات مستميتة بين كلا الطرفين المؤيد والمعارض، الناضج والمتعصب، الساخر والجاد، الموضوعي والمتحيز؛ حيث تحاول هذه الأجهزة الرقابية؛ من خلال مسئوليها من النقاد الرياضيين الأكفاء أن يحملوا راية التصحيح، وأن يتبنوا ضربًا من ضروب التفكير يثور علي كل ما هو شائع داخل هذا الوسط الإعلامي المتدني.

 

 

 

 

فالصراع هو صراع أيديولوجيات، ومبارزات فكرية طاحنة بين أسوياء عقلاء يسعون نحو إرساء القيم الرياضية، والتي يمثل الإعلام انعكاسًا لهذه المعاني؛ كالتسامح، والإيثار، والكياسة، والفضيلة المدنية، والضمير اليقظ، والسلوك الحضاري، وبين دعاة الإثارة لغرض يتيم وهو اللحاق بركاب “التريند” الذي تتناقله الجماهير؛ لا لأغراض توعوية تثقيفية.. بل لأغراض دعائية خبيثة؟ وأغراض أخري مبتذلة؛ لإرضاء سيدها وهو المعلن أو الراعي الساعي جاهدًا نحو الكسب المادي وإن كان على حساب المضمون.

 

ستظل الإشكالية قائمة لأنها نتاج تراكم هائل من الانحدار الأخلاقي للقيم مصحوبة بظروف اقتصادية طاحنة لاتفرق بين عالم وجاهل، ومن ثم قد يضطر ذوو العلم لتقديم تنازلات على حساب ضمائرهم وقيمهم، فضلًا عن الصراع الإنساني الأبدي بين الخير والشر، بين الحق والظلم.. يقول تعالي “وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا” صدق الله العظيم… سورة الجن آية “11”.

اترك تعليق

يرجي التسجيل لترك تعليقك

شكرا للتعليق